الاثنين، 27 يناير 2014

الصحوة التكنولوجية والطريق إلى النهضة


تشهد الفترة الحالية من عصرنا اهتماما كبيرا بالتأريخ للعلم وفلسفته، خاصة فيما يتعلق بقضية نشأة العلم وأولوية المنهج العلمي، فيدور الجدل بين الباحثين حول الإجابة عن أسئلة من قبيل: أين ومتى نشأ العلم وتكونت بذرة المنهج العلمي في فكر الإنسان؟
فتاريخ العلم والتكنولوجيا جزء من التاريخ الإنساني العام، الذي أسهمت في صنعه جميع الأمم على مـر العصور، إنه تاريخ الفكر الذي منحه الله تعالى للإنسان لكي يرتقي بعقله ويدرك أهمية المعرفة في صنع التقدم وفهم حقائق الأشياء، ومن يقرأ تاريخ العلم بحيدة وموضوعية بعيدا عن مختلف ضروب الهوى والتحيز، يجد أنه وثيق الارتباط في تقدمه، وتعثره بمراحل ازدهار حضارات الإنسان وانحطاطها منذ عصور الحضارات القديمة، مرورا بعصر الحضارة العربية الإسلامية، فعصر النهضة الأوربية الحديثة، وصولا إلى حضارة التكنولوجيا المعاصرة،كما يجد أن فلسفة العلم والتكنولوجيا معنية بتتبع نمو المفاهيم والأفكار العلمية والتكنولوجية وتطورها عبر تلك المراحل، ومهتمة بما قدم العلماء والتقنيون من نظريات، أو حلول لمختلف القضايا العلمية والتكنولوجية وفق منهج يهدف إلى وضع الحقائق في نصابها المقبول عقليا والممكن تاريخيا ومنطقيا.
ولأننا ندعو إلى مد جسور التعاون العلمي والتقني والفكري بين علمائنا في الخارج ومؤسساتنا العلمية وجامعاتنا العربية في الداخل التي كان لها الفضل في تعليم هذه الأجيال التي ستتولى صنع القرار، وستشغل مواقع المسئولية في كل المؤسسات، كما أن جميع  أو معظم علمائنا العرب في الخارج هم أيضا من خريجي الجامعات العربية، وإنني ككل عربي، أحرص على أهمية استمرار التعاون بين علماء الخارج ونظرائهم في الجامعات العربية والمعاهد العلمية الإقليمية من أجل تحقيق حلم كل مواطن عربي في النهوض والتقدم واستعادة الصحوة الحضارية الإسلامية التي أنارت للعالم الحديث طريقه، حتى نصبح منتجين للتكنولوجيا وليس مجرد مستهلكين لها، وقد أتيحت لي خلال الشهور الماضية فرصة حضور عدة مؤتمرات قومية لتطوير التعليم في ظروف مرحلة مهمة من مراحل حياتنا العلمية والتعليمية، مع بداية لصحوة علمية شاملة، وقد تواكبت هذه الصحوة وتأكدت أهميتها بتكثيف جميع الإمكانات لإنجاح المشروع القومي للنهضة التكنولوجية الذي يرتبط مع ما توفره الدولة لمفكريها وعلمائها من عناصر النجاح، كما يرتبط باقتناع المسئولين والقائمين على أمور التعليم والبحث العلمي في جميع المؤسسات الحكومية والجامعية والقطاعين العام والخاص، بما تحويه من مراكز ومؤسسات للتعليم والبحث العلمي.
ولو نظرنا لتاريخنا العلمي في الحضارة الإسلامية فسنجد أنه لم يقف علماؤها عند حد المواريث الفكرية لكنهم أضافوا بعد ذلك من تجاربهم وخبراتهم، واستطاعوا أن يكوِّنوا نسقا فكريا وعمليا متميزا قوامه البحث عن الحقيقة في أعماق النفس وآفاق الوجود، وأساسه العلم والعمل من أجل ترقية الحياة على الأرض، استنادا إلى مبادئ الإسلام الحنيف، ونذكر من مآثر المسلمين بعض الثورات العلمية التي أشعلوا جذوتها في العلوم الأساسية والتطبيقية الآتية:
في مجال الرياضيات جرت الدراسات وفق الطريقة الاستقرائية للوصول إلى المبدأ العام من ملاحظة التفاصيل على نحو ما فعل الخوارزمي عندما وضع معادلة جبرية لإيجاد حلول خاصة لمشكلات متشابهة، واستطاع أن يتوصل إلى علم جديد يضيفه للمعرفة هو علم الجبر الذي ظل محتفظا بلفظه العربي في كل اللغات، وواصل العلماء بعد ذلك عملية التعميم للكائنات الرياضية سواء كانت خطوطا هندسية أو أرقاما عددية، فأضاف ثابت بن قرة تعميما لنظرية فيثاغورث يصلح لأي مثلث، وبرع عمر الخيام في تصنيف وحل المعادلات ذات الدرجتين الثالثة والرابعة.
وظل هذا المنهج أسلوبا لفكر الرياضيين حتى أصبح من أهم خصائص المعرفة العلمية، وأدى في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي إلى اكتشاف معادلات التحويل التي تربط بين إحداثيات الموضع وإحداثيات معممة تكون مسافات أو زوايا أو كميات تتصل بالمسافات والزوايا، ولولا هذه المسيرة الرياضية التي بدأت بعلماء الحضارة الإسلامية لما ظهرت معادلات « لاجرانج» ومعادلات «هاميلتون» التي تتميز في العصر الحديث بسهولة استخدامها لاستنباط وحل العديد من المسائل العلمية في علوم ميكانيكا الكم، والميكانيكا الإحصائية، والميكانيكا السماوية، والكهروديناميكا وغيرها.
كشفت الدراسات التراثية المعاصرة عن سبق علماء المسلمين إلى تحديد الكثير من المفاهيم العلمية في ميادين الميكانيكا، والبصريات والصوتيات، وخواص المواد الصلبة والسائلة والغازات وغيرها، فعلى سبيل المثال عبر هبة الله بن ملكا البغدادي في كتابه «المعتبر في الحكمة» والشيخ الرئيس ابن سينا في كتابه «الشفاء » وابن المرزبان في كتابه «التحصيل» وابن الهيثم في كتابه «المناظر» وغيرهم، عبروا عن عناصر الحركة وأنواعها وقوانينها بصياغات علمية لا تختلف عما نعرفه اليوم.
كذلك قدم علماء المسلمين لأول مرة في تاريخ العلم أساسا مقبولا لتفسير السقوط الحر للأجسام تحت تأثير الجاذبية الأرضية وبدأ الهمداني هذه الثورة العلمية بقوله في سياق حديثه عن الأرض، وما يرتبط بها من مياه وهواء ما نصه – في كتاب الجوهرتين – «فمن كان تحتها – أي تحت الأرض عند نصفها الأسفل - فهو في الثبات في قامته كمن فوقها، وكثبات قدمه عليه، فهي بمنزلة حجر المغناطيس الذي تجذب قواه الحديد إلى جانب..». يتضح من هذا النص أن الهمداني قد أرسى أول حقيقة جزئية في فيزياء ظاهرة الجاذبية، ثم تبعه عبد الرحمن الخازني الذي ذكر في كتابه «ميزان الحكمة» أن الجسم الثقيل يتحرك بقوة ذاتية أبدا إلى مركز الأرض فقط، ولولا هذه الحقائق الجزئية على طريق استكمال التصور الإنساني لظاهرة الجاذبية والحركة لما وجد إسحق نيوتن من يقف على أكتافهم من عمالقة العلماء لكي يصنع مجده وشهرته بصياغة قوانين الحركة والجاذبية.
 وضع علماء المسلمين أصول الكثير من النظريات الحديثة عن الظواهر الجوية والفلكية، كما اهتموا بوضع الأزياج (الجداول الفلكية والرياضية) التي جمعها «تيكوبراهي»، واستخدمها من بعده «كبلر» في صياغة قوانينه المشهورة عن حركة الكواكب، وترتب على ذلك كله تقدم علوم الفلك والأرصاد، كما صاحب هذا التقدم  ازدهار الملاحة البحرية في البحرين الأبيض والأحمر وفي المحيطين الهندي والهادي، وظلت اختصاصا عربيا إسلاميا حتى مطلع العصور الحديثة.
يجمع المؤرخون على أنها تحولت في عصر النهضة الإسلامية من «الصنعة» الخرافية إلى العلم التجريبي بفضل علماء أفذاذ أمثال جابر بن حيان والرازي والجلدي وغيرهم، عرفوا العديد من العمليات الكيميائية كالترشيح والتبخير والتصعيد والتقطير الجزئي والتبلور، واستخدموا في ذلك الآلات والأجهزة فتجاوزوا حدود الآراء النظرية والتـأملات الفلسفية المميزة لعلوم الإغريق والهنود.
ومن بين الإنجازات التي يصعب حصرها ما توصل إليه علماء المسلمين في ميدان الكيمياء التطبيقية، حيث استخدموا الفحم الحيواني لأول مرة في قصر الألوان، ولا تزال هذه الطريقة تستعمل في إزالة الألوان والروائح من المواد العضوية، وتوصلوا إلى أن «الشب» وهو أحد أملاح الألمنيوم يساعد على تثبيت الأصباغ في الأقمشة، وذلك قبل أن يصل العلم الحديث إلى تفسير خاصية التصاق الشب على الألياف،  وتكوين أملاح معقدة مع الأصباغ الملونة تعمل كوسيلة ربط لجزئياتها على القماش.
أخذ علماء المسلمين بنظام التخصص واهتموا بعلم التشريح والتشريح المقارن، واعتمدوا في استخلاص نتائجهم على المشاهدة والتجارب وكذلك اهتموا بعلم الجراحة وأظهروا دراية فائقة بجراحة الأجزاء الدقيقة من الجسم، كالأعصاب والعظام والعيون والأذن والأسنان واستئصال الأورام الخبيثة، واكتشفوا العديد من الأمراض ووصفوا أعراضها وطرق علاجها، وقدموا خدمات جليلة للحضارة الإنسانية تتمثل في العديد من المؤلفات القيمة التي نهلت منها أوربا، وظل معظمها يدرس في جامعاتهم حتى عهد قريب مثل كتاب «الحاوي» لأبي بكر الرازي، و«القانون» لابن سينا، و«التصريف» للزهراوي.
كما اهتم علماء المسلمين بالثروة الحيوانية وكل ما يتعلق بتطويرها ونمائها، ويشهد على ذلك ما تضمنته مؤلفاتهم من دراسات قيمة تتعلق بتغذية الحيوان وتربيته ومداواته من الأمراض التي تصيبه، فقد افرد أبو بكر أحمد بن وحشية، في القرن التاسع للميلاد، كتابا للحيوانات المعينة على الفلاحة مثل البقر والغنم والإبل  وغيرها، وجعل بابا خاصا للحمام والطيور والكراكي، كذلك خصص ابن العوام الأبواب الأخيرة من كتاب «الفلاحة الأندلسية لتربية الماشية» وتحدث عن أمراض الحيوانات، وكيفية اختبار الجيد ومدة الحمل، وما يصلح من العلف وإلى غير ذلك في هذا التخصص.
وكان تقدم العلوم الصيدلية مواكبا لتطور علوم الطب خطوة بخطوة، فظهر علم «الأقربازين» أو «دستور الأدوية» الذي كان يعني في بادئ الأمر تركيب الأدوية المفردة وقوانينها وأصبح يعني في العصر الحديث علم طبائع الأدوية وخواصها، واكتشف علماء المسلمين العديد من العقاقير التي لا تزال تحتفظ بأسمائها العربية في اللغات الأجنبية مثل الحناء والحنظل والكافور، وغيرها.
أما في علوم الأرض أوالجيولوجيا والجغرافيا، وعلم التربة أو البيدرولوجيا، فحدث ولا حرج، وإذا انتقلنا إلى عصرنا الحاضر  فسنجد أن المسلمين في العصر الحديث مازالوا يتوجون جهود أجدادهم، وقد تأكدت تلك الصحوة بحصول العالم العربي المصري الدكتور أحمد زويل على جائزة نوبل في الكيمياء، ولا شك في أن ما وصل إليه الدكتور زويل، كان نتيجة ثمار بحوثه وتجاربه العلمية لسنوات مضنية، مستغلا ذكاءه وعبقريته ذات الجذور العربية والإسلامية، وعلى ذلك فإن نجاح أي مشروع قومي للتعاون الإقليمي والعالمي من  أجل نهضة تكنولوجية مرتبط بما توفره الدولة لعلمائها ومفكريها من عناصر النجاح، كما يرتبط باقتناع المسئولين والقائمين على أمور التعليم والبحث العلمي.
عن البحث العلمي تحديدا تبرز الأهمية القصوى للتخطيط والتنسيق والتعاون بين جميع العناصر التي تعمل في هذا المجال محليا، وجميع العناصر الأخرى في نفس المجال العالمي من خلال استراتيجية واضحة المعالم ومحددة الأهداف، وفي هذا السياق  نرى أن يوضع في الاعتبار مجموعة من المحددات أهمها:
أن البحث العلمي في أي دولة يعتبر الدعامة الرئيسية لتطوير إمكاناتها وقدراتها، ورفع كفاءتها في جميع المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والفنية وغيرها من المجالات وذلك لمسايرة التطور التكنولوجي المعاصر،بالإضافة لفتح الآفاق لاستقراء المستقبل والتحسب له.
تعتبر البحوث بأنواعها من نظرية وتطبيقية بالإضافة للندوات وحلقات النقاش والمؤتمرات النافذة المضيئة في مجال الابتكار والتطوير لمواكبة العصر شريطة الأخذ والتطبيق بما تصل إليه هذه الدوائر من مقترحات وتوصيات ونتائج بناءة.
تزخر القطاعات المختلفة بالدولة بالعلماء والخبراء الساهرين على الدراسة والتحليل للمشكلات والمصاعب التي تواجه هذه القطاعات والمؤسسات للخروج بالحلول المناسبة والتوصيات والمقترحات لحلها، فضلا عن مئات بل آلاف الرسائل والبحوث العلمية والأكاديمية التي ينفذها الدارسون والباحثون بالمعاهد والكليات في شتى التخصصات لنيل الدرجة العلمية سواء الماجستير أو الدكتوراه.. إذن ما هي المشكلة؟.. من وجهة نظرنا نرى أن هناك العديد من المشكلات التي تعوق الاستفادة من البحوث العلمية سواء كانت نظرية أو تطبيقية، على مستوى الدولة، وتتلخص في الآتي:
أولا: إن نتائج هذه البحوث من مقترحات وتوصيات، لا تصل إلى المستخدم النهائي، وهو هنا متخذ القرار، لتطوير وتحسين الأداء لحل المشكلة، وهذا ناتج عن مجموعة من الأمور سنوضحها فيما بعد. ويعتبر هذا البند هو أهم البنود ولب المشكلة البحثية.
ثانيا: قصور النظام البحثي الحالي بمستوياته المختلفة عن توظيف هذه المقترحات والتوصيات للاستفادة منها بواسطة المهتمين بمشكلات بعينها لاتخاذ القرارات، إذ يتطلب ذلك سلسلة من الإجراءات نذكر منها: ضرورة تصنيف وتجميع التوصيات والمقترحات وتقسيمها إلى تخصصاتها المختلفة، بالإضافة إلى استخلاص النتائج القابلة للتطبيق في المجالات العملية مع ضرورة نشر وتعميم هذه التوصيات والمقترحات ونتائج تجاربها على المستخدمين المعنيين، سواء من المستفيدين أو متخذي القرار، فما هو الحل؟
للتغلب على المشكلات السابق ذكرها في مجال البحث العلمي والتطوير على المستوى القومي، نرى أنه يلزم أن يكون هناك «نظام بحثي قومي» يجمع المجالات المختلفة ويربط بينها من خلال إجراءات وقنوات يتم التنسيق بينها، وبأسلوب علمي مخطط، ويوكل لهذا النظام ما يأتي:
تحديد الأهداف البحثية الاستراتيجية على المستوى القومي، التي تحدد المطالب من كل الاتجاهات المختلفة سواء صناعية – زراعية – اقتصادية – تجارية – عسكرية، على أن تنبع هذه الأهداف وتحدد مركزيا من خلال خطة خمسية وخطة عشرية، مع توضيح العلاقات والمسارات والمسئوليات المنوط بها هذه  الجهات خاصة فيما هو مشترك ومرتبط بين هذه الجهات.
تخصيص الميزانيات المناسبة للجهات البحثية المختلفة مع اعتبار أن هذه المصروفات تعتبر مصروفات استثمارية سيظهر عائدها بعد فترات زمنية قد تطول،ولكنها  ستعود على أجيال لاحقة بالنفع.
توحيد القيادة للأجهزة البحثية والفنية المتشابهة، التي تبحث في مجالات مشتركة وذات خصائص متقاربة (بمعنى عمل تجمعات ومخابر بحثية متناسقة) يسهل تجميعها، وبذلك يسهل تحديد الأهداف البحثية الاستراتيجية لها من النظام المقترح.
إعطاء الفرصة من خلال التنسيق والتعاون بين مراكز البحوث بعضها بعضا للاستفادة من الإمكانات المتاحة كالدراسات والمعامل والأدوات والأجهزة، والترفع عن الأنانية البحثية والعلمية، وترسيخ مبادئ المصلحة القومية العامة.
كيف نبدأ؟
من الطبيعي أن ما ذكر سابقا يتطلب الكثير من الوقت والدراسة من خلال مجموعة عمل على مستوى عال من الخبرة واتساع الأفق، لها صلاحيات البحث والتعمق وتقديم المقترحات والنتائج للنهوض بالبحث والتطوير على المستوى القومي، وهنا نقترح أن تتبع مجموعة العمل هذه مجلس الوزراء أو وزارة البحث العلمي على الأقل، وذلك للوصول إلى  هيكل تنظيمي قومي تحدد فيه المهام والمسئوليات والمسارات، وتحدد له الأهداف والمطالب، ولحين الاقتناع والتنفيذ لهذه المجموعة، هناك بعض المقترحات التي يمكن البدء في تحقيقها على وجه السرعة وهي متوازية مع هذه المجموعة سالفة الذكر، وهذه المقترحات هي:
أولا: أن تقوم مراكز البحوث المختلفة والجهات المعنية، والجامعات والقائمون على الندوات وحلقات النقاش والبحث، باختيار الموضوعات البحثية المرتبطة بالمشكلات والقضايا الملحة مع إلزامها بالخروج بالتوصيات العملية القابلة للتطبيق.
ثانيا: تطوير أسلوب التقويم للأبحاث والندوات وقياس مدى تميزها بما تصل إليه من توصيات منطقية، وقابلة للتطبيق مع إلزامها بنشر هذه التوصيات لجميع الجهات والأجهزة التي بيدها اتخاذ القرار.
ثالثا: إلزام الأجهزة البحثية بالوجود الفاعل في الندوات والمؤتمرات الخارجية، والاختبار الدقيق للمشاركين، كل في مجال تخصصه.
رابعا: إلزام الأجهزة البحثية والجامعات والمعاهد العلمية، بتجميع نتائج وتوصيات البحوث والدراسات والرسائل وتصنيفها والإعلان عنها، ومخاطبة المستفيدين ومتخذي القرار، مع إتاحة الفرصة لطالبي الدراسة والبحث للاطلاع عليها بسهولة ويسر.
خامسا: العمل على إيجاد «مركز قومي للمعلومات» يقوم بتجميع جميع التوصيات والنتائج الخاصة بالمشكلات والقضايا على أن يقوم هذا المركز بإصدار دليل سنوي يحتوى جميع  هذه التوصيات والنتائج، ونشرها على المراكز البحثية (لمنع تكرار الدراسة) بالإضافة للمهتمين ومتخذي القرار.
وفي النهاية نؤكد أن هناك الكثير من البحوث والدراسات التي تزخر بها مكتبات المراكز البحثية والجامعات، لكنها - ويا للآسف - لا تمتد إليها الأيدي للاستفادة منها أو مجرد الاطلاع عليها.


 
 

 

العلم الكامن وراء أعاجيب جسم الإنسان


جسم الإنسان ذلك التكوين البديع النابض بالحياة، والذي يخفي بين طياته أعاجيب مدهشة، حتى وراء أبسط الأشياء التي يقوم بها وأكثرها بداهة كالضحك والعطاس والحكة؛ فقد كشف العلماء أخيرًا أن تلك الممارسات اليومية الاعتيادية تعد حيلا مدهشة تخفي بين جنباتها ما يحير العقول والألباب، وأنه رغم البساطة الظاهرة والضآلة البادية في تلك الأمور فإن هناك تفسيرات علمية ضخمة تكمن وراءها، والتي يعجز العلم والعقل عن إدراك بعضها بشكل كامل؛ لنكتشف أن أجسامنا تزخر بما يدعو للدهشة والتأمل واستثارة الشغف العلمي لاستجلاء سر تلك الروعة الكامنة فينا.
الضحك في 0.4 ثانية فقط!
الضحك ذلك النشاط الإنساني المحبب والعجيب والفريد في الوقت ذاته؛ فهو مظهر السعادة والبهجة والفرحة، كما أنه يلعب دورا مهما في تحسين الصحة ومحاربة الأمراض، بجانب كونه خاصة يتفرد بها البشر عن كل الكائنات الحية. وعلى الرغم من أن الضحك يبدو في ظاهره أمرا بسيطا، إلا أن وراءه نشاطا عقليا بالغ التعقيد كالذي يمارسه الإنسان لحل المشكلات. فقد وجد العلماء أنه عند تعرض الإنسان لدعابة ما فإن الجزء الأيسر من القشرة المخية يقوم بتحليل كلمات وتركيب تلك الدعابة، وبعدها يتم تنشيط الفص الجبهي للمخ المسئول عن الاستجابات العاطفية، ثم يقوم النصف الكروي الأيمن من المخ بالتحليل الفكري للدعابة وفهمها، لينتقل النشاط المخي بعدها إلى منطقة العمليات الحسية بالفص القذالي، وأخيرا يتم تنشيط الأجزاء المسئولة عن الحركة لتنتج تعبيرات جسدية خاصة يصاحبها صوت مميز هما التعبير الفسيولوجي للضحك، ويستغرق كل هذا 0.4 ثانية فقط. برغم هذا فإن العلماء لم يتمكنوا من فك طلاسم الضحك كلها بعد؛ فنحن لا زلنا لا نفهم على وجه التحديد لماذا نضحك؟ وعلى أية أساس يعتبر المخ دعابة ما سمجة وأخرى مضحكة؟!
دموع الحزن لتخفيف الآلام
على الرغم من أن العديد من الكائنات تبكي وتدمع عيونها، إلا أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع البكاء تعبيرا عن عاطفته؛ فعلى غرار الضحك يتفرد الإنسان بقدرته على البكاء إظهارا للحزن والألم. إن الدموع في حد ذاتها مجرد سائل ملحي يتكون من الماء بشكل رئيسي بجانب بعض البروتينات والمواد المخاطية التي يتم إفرازها من الغدد الدمعية؛ تنقسم الدموع إلى ثلاثة أنواع، ما يهمنا منها الآن هي دموع الحزن والتي تعد استجابة من المخ لشعور الإنسان بالحزن، حيث يصدر الأوامر لبعض الغدد الصماء بإفراز هرمونات معينة تحفز الغدد الدمعية على إفراز الدموع، لتفيض بعدها مفصحة عن الحزن والألم. وبجانب قدرة الدموع على جلب تعاطف الآخرين، وجد العلماء أن البكاء يجعل المرء يشعر بحالة نفسية أفضل؛ ويرجع بعض العلماء السبب في هذا الارتياح إلى أن الدموع قد تكون وسيلة الجسم للتخلص من المواد الكيميائية السامة المتكونة خلال أوقات الضغط النفسي؛ حيث وجد العلماء أن الدموع الحزينة تحوي بعض الهرمونات المتكونة خلال الضغوطات والشدائد، بجانب مادة أخرى تسمى «ليو-إنكفالين» هي أحد «الإندورفينات» التي تخفف من حدة الألم وتقوم بتحسين الحالة المزاجية؛ إلا أن العلماء لم يجزموا بشكل قاطع بصحة تلك الفرضية بعد.
العطس بسرعة 160 كيلومترًا في الساعة!
العطس أحد أروع الآليات الدفاعية بجسم الإنسان، والتي يكمن سر روعتها في التنسيق البديع بين الجهازين العصبي والعضلي لأداء تلك المعجزة التي تتجاوز سرعتها سرعة السيارات على الطرق السريعة! يعد العطس آلية دفاعية لحماية الجهاز التنفسي من الأجسام الغريبة التي تحاول اقتحامه عبر الأنف كذرات الغبار وحبوب اللقاح؛ تحدث العطسة حينما تدخل أحد تلك الأجسام الضئيلة مجرى الأنف، وتتجاوز حاجز شعر الأنف لتصطدم بالجدار المبطن للتجويف الأنفي، ويتم استثارة النهايات العصبية الموجودة فيه، والتي سرعان ما ترسل إشارة لمركز العطس بجذع المخ، وفي أجزاء من الثانية تخرج من المخ عدة رسائل في ذات الوقت وبتنسيق تام للعين وعضلات الصدر، لتنغلق العيون بشدة، وتنقبض عضلات الصدر بقوة، فتندفع العطسة طاردة الجسم الغريب خارج الأنف بسرعة تصل إلى 160 كيلومترا في الساعة. أما عن سر الصوت المميز للعطسة فقد وجد العلماء أن ذلك الصوت ليس إلا مؤثر صوتي يصدره صاحب العطسة؛ فلأن العطسة مفاجئة ولا يمكن التحكم في صوتها بشكل كامل يقوم الفرد بتعديله ليصبح لائقا اجتماعيا بشكل أو بآخر. وهذا ما يفسر اختلاف صوت العطسة من شعب إلى آخر؛ حيث يكون صوت العطس لدى البريطانيين «أتشوو»، ولدي الفرنسيين يتحور قليلا ليصبح «أتشوم»، بينما عند اليابانيين يصير «هاكاشون»!
الحكة خط الدفاع ما قبل الأول
تستمر غرابة الآليات الدفاعية بجسم الإنسان، وسر الغرابة هذه المرة يرجع إلى مدى بساطة تلك الحيلة الدفاعية رغم مهمتها الجسيمة بالذود عن خط الدفاع الأول للجسم؛ إنها الشعور بالحكة تلك الآلية الدفاعية الوقائية المسئولة عن حماية الجلد العضو الأكبر في الإنسان. فعند ملامسة جسم غريب -كالحشرات الصغيرة أو ذرات الغبار أو الألياف- لسطح الجلد، فإنه يستثير مستقبلاته العصبية الحسية لتقوم بإرسال رسالة عبر الألياف العصبية إلى قشرة المخ، والذي يجعلنا نشعر بالحكة في تلك المنطقة من الجلد، ويصدر استجابة فورية بحك تلك المنطقة بواسطة الأظافر. والسر وراء تلك الاستجابة العجيبة أنه عبر هذا الحك يتم إزالة مصدر الخطر -الجسم الغريب- المسبب للحكة ليشعر المرء بالراحة بعدها؛ حيث إن الإشارات المرسلة إلى المخ جراء ملامسة هذا الجسم قد انتهت، وبالتالي أدرك المخ زوال الخطر واختفى الشعور بالحكة. ومن طرائف تلك الحيلة الدفاعية أنها معدية للغاية؛ حيث يمكنها الانتقال كالعدوى من شخص لآخر بمجرد الإيحاء أو حتى بالحديث عنها، ولعلك لاحظت أنه بينما تقرأ هذه السطور قد راودك شعور بالحكة أو قمت بحك جلدك عدة مرات!
التثاؤب.. ذلك المجهول
قد يظن البعض أننا الكائنات الوحيدة التي قد تصاب بالملل وتتثاءب، إلا أن حقيقة الأمر أن الإنسان لا يتثاءب بمفرده؛ فمعظم الفقاريات كالثعابين والطيور وحتى الأسماك تتثاءب أيضا! تبدأ رحلة التثاؤب مع الإنسان من قبل أن يولد؛ فالجنين في رحم أمه يتثاءب للمساعدة في تكوين فكيه أو تطوير رئتيه وفقا لما يعتقده العلماء. أما عن دور التثاؤب لدى الإنسان فلا يزال مجهولا، والعلماء لا يعرفون تحديدا ما هي وظيفة التثاؤب؛ فالبعض يرى أنه يساعد في تنظيف الآذان، أو يجعل العيون تدمع، أو يملأ الرئتين بالهواء، أو يقوم بتبريد المخ وزيادة اليقظة والانتباه، أو أنه فقط مجرد إشارة للتعبير عن مدى مللنا أو سأمنا، لكن الأمر الأكيد أن المعتقد الشائع بأننا نتثاءب بسبب زيادة ثاني أكسيد الكربون في الدم وندرة الأكسجين في المخ هو معتقد خاطئ. على الرغم من أن هناك الكثير من الكائنات الحية تتثاءب؛ إلا أننا نجد أن التثاؤب يصبح معديا فقط بين البشر! وتشير أحدث الدراسات إلى أن الإصابة بعدوى التثاؤب لدى الفرد ترتبط بمدى قدرته على التعاطف مع الآخرين؛ ومن طرائف تلك العدوى أنها لا تصيب الإنسان إلا بعد بلوغ الرابعة من عمره!

 

 

صناعة الأعضاء.. حلم أم حقيقة؟


منذ ظهور علم الخلايا الجذعية في أواخر القرن الماضي، راود العلماء حلم صناعة الأعضاء في المعمل عن طريق الخلايا الجذعية. وقد تمكنوا بالفعل من تحقيق هذا الحُلم من خلال صناعة كلية من الخلايا الجذعية بحجم كلية الجنين. لكنهم لم يستطيعوا أن يصنعوا كلية بحجم كلية الإنسان البالغ، ذلك أنهم اعتمدوا في هذه الصناعة على الخلايا الجذعية الناشئة Adult Stem Cell ذات القدرة المحدودة على نمو العضو على العكس من الخلايا الجذعية الجنينيةEmbryonic Stem Cell والخلايا الجذعية المحفزة Induced Pluripotent Stem Cell التي تسمح بتنامي أكبر للعضو البشري، لكنها محظورة الاستخدام في هذا الصدد لأسباب أخلاقية خاصة باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية التي قد تؤدي إلى وفاة الجنين أو تشويهه، أو لأسباب صحية خاصة باستخدام الخلايا المحفزة التي يؤدي تكاثرها إلى إمكان تحولها لخلايا سرطانية.
لكن علماء الخلايا الجذعية لم ييأسوا من إمكان صناعة عضو بشري بحجم أعضاء الإنسان البالغ، واتبعوا في هذا الإطار طرقا ثلاثا لصناعتها، سنبدأ هنا بشرح الطريقة الأقدم فالأحدث.
الطريقة الأولى.. القالب المصنوع من مواد قابلة للتحلل:
بدأ العلماء أولاً باستخدام هذه التقنية في صنع أعضاء بسيطة، باستخدام قالب مصنوع من مواد حيوانية قابلة للتحلل في الجسد دون أن تترتب عليها آثار جانبية ضارة. ففي عام 2006، استطاع العالم أنطوني أتالة Anthony Atala، في معهد واك فورست Wake Forest Institute في جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة، استخدام هذه التقنية مع الخلايا الجذعية العضلية Muscle Stem Cell لتوليد المثانة وزرعها في المريض بنجاح. وفي عام 2011، استطاع نفس الفريق توليد المسالك البولية واستخدامها في العلاج بنجاح أيضًا. وفي عام 2008، استطاع فريق من العلماء الإنجليز بجامعة لندن University College of London بقيادة العالم ألكسندر سيفالين Alexander Seifalian صنع القصبة الهوائية باستخدام قالب مصنع مع الخلايا الجذعية الدموية، وقد قام الطبيب باولو ماشيريني Polo Macchiariniبمستشفى برشلونة بزرعها بنجاح. كل هذه النجاحات، بالإضافة إلى إنجاز العالم مجدي يعقوب وفريقه في صنع صمام القلب عن طريق صنع قالب من المواد الحيوانية واستخدام الخلايا الجذعية للحمة الوسطى Mesenchymal Stem Cell في عام 2006، واستخدام نفس القالب مع الخلايا الجذعية المنشقة من الدهون Adipose – derived stem cell، في عام 2011، لتوليد صمام قلب أكثر جودة، ومازال الصمام القلبي يخضع للاختبارات الطبية لتجويد عمله. لكن هذه الطريقة لم تنجح في صناعة أعضاء أكبر حجمًا وأكثر تعقيدًا، ومن ثم راح العلماء يبحثون عن طرق أكثر فاعلية وتعقيدًا.
الطريقة الثانية.. تفريغ القالب الحيواني:
هنا راح علماء الخلايا الجذعية يستعينون بعلوم أخرى وهي: علم هندسة الأنسجة Tissue engineering وعلم البيولوجيا الجزيئية Molecular Biology وعلم بيولوجيا التطورDevelopmental Biology في عملية صناعة الأعضاء. فقد منحتهم هذه العلوم مجتمعة فكرة استخدام الهيكل الخارجي الطبيعي لعضو ما في عملية صناعة الأعضاء. والمقصود بالهيكل الخارجي الطبيعي Natural organ Scaffold للعضو: الإطار الخارجي للعضو وهو عبارة عن مجموعة من البروتينات التي تنتجها خلايا العضو أهمها الكولجين والألستينCollagen and Elastin اللذان يكونان الإطار الخارجي المرن الذي يحميها. وترجع أهمية استخدام هذا الهيكل الخارجي الطبيعي للعضو في صناعة الأعضاء إلى عدة أسباب: أولها أن الهيكل الخارجي للعضو غالبًا ما تصعب صناعته في المعمل. ثانيًا أنه يتمتع بخاصية إرشاد الخلايا إلى أماكن النمو الصحيحة. ثالثًا أنه يحتوي على جزيئات مثل عوامل النمو Growth Factors تحفز الخلايا الجذعية على الاختلاف الخلوي Differentiation والتكاثر الذاتي والتلاحم مع بعضها البعض لتبقى حية. رابعًا: أنه يحتوي على شبكة الأوعية الدموية والأعصاب التي تسمح للعضو بعد صناعته وزرعه في المريض بالتزود بالدم على نحو فوري. هذه الميزة الأخيرة مهمة جدًا في صنع أعضاء مثل الكُلَى أو القلب أو الكبد أو البنكرياس ذات الأنسجة السميكة والتي قد تتعرض للتلف إن لم يتم تزويدها فورًا بالدم الحامل للأوكسجين والأغذية Nutrients. خامسًا وأخيرًا، هو أن البروتينات المكونة للهيكل الخارجي للعضو هي عبارة عن عامل عام ومشترك بين كل أفراد الجنس البشري، ومن ثم لن تواجهنا مشكلة رفض المناعة للعضو المصنع من هذا الهيكل الخارجي. هذا علاوة على أن بروتينات الهيكل الخارجي هي أيضًا بروتينات مشتركة ما بين الإنسان والكثير من الحيوانات. ومن هنا وجد العلماء أن المصدر الأكثر ملاءمة لصناعة عضو بشري هو الهيكل الخارجي الطبيعي لأعضاء جسم الخنزير، حيث إن حجم أعضائه مماثل لحجم أعضاء الإنسان.
وهنا نأتي للحديث عن تفاصيل كيفية تصنيع العضو البشري. نأخذ مثلاً العضو من الخنزير، ثم نقوم بعملية تفريغ هذا العضو من خلاياه ليتبقى لنا الهيكل الخارجي فحسب. ونستخدم في هذا الإطار طريقتين للتفريغ. الأولى: تتمثل في التفريغ عن طريق المواد الكيميائية. ولكن لهذه الطريقة عيوب، حيث إنها قد تخلف مواد سامة للهيكل الخارجي، كما أنه يصعب استخدامها لصناعة الأعضاء كبيرة الحجم مثل الكُلَى. الطريقة الثانية للتفريغ تتمثل في استخدام نبضات كهربائية Electric Pulse ذات قوى أعلى من المستوى الذي يستطيع العضو احتماله في الظروف البيولوجية العادية. تقوم هذه النبضات الكهربائية بقتل الخلايا عن طريق صنعها لثقب في غلافها، مما يؤدي إلى تسرب الماء منها وموتها. وتتميز هذه الطريقة بأنها لا تخلف مواد سامة، هذا علاوة على إمكان استخدامها بالنسبة للأعضاء كبيرة الحجم. وفي هذه الطريقة الأخيرة، يبقى العضو أثناء عملية التفريغ الخلوي هذه محفوظًا في درجة حرارة 4، لأن عملية إتلاف الخلايا تنتج حرارة قد تتلف الهيكل الخارجي. كما أننا في إطار هذه العملية أيضًا، نقوم بتزويد الخلايا بالأوكسجين والأغذية بشكل مستمر مع إزالة مستمرة للمخلفات، بما لا يضر بالهيكل الخارجي للعضو.
إن الحرص الشديد على إبقاء الهيكل الخارجي للعضو خاليًا من المواد السامة يؤدي إلى نجاح هذا الهيكل في القيام بدوره في عملية إعادة بناء العضو. كذلك لابد أن نكون حريصين أشد الحرص على ألا يصيب الهيكل الخارجي أي قطع أو جرح، حتى يتم نمو العضو بالبطء المناسب لتكوينه السليم.
استخدم العلماء تقنية القالب هذه أو الهيكل الخارجي للعضو بعد تفريغ خلاياه، حيث قام العالم هارلد أوت Harald Ott بجامعة ماساشوستش Massachusetts ببوسطن بالولايات المتحدة بوضع الخلايا الجذعية الناشئة في الهيكل الخارجي المفرغ لكلية الفأر، وبالفعل صنعت هذه التقنية كلية تعمل بنسبة 10% من طاقة الكلية الأصلية. وفي استخدام مماثل لفكرة القالب أو الهيكل الخارجي، قامت العالمة كريستين بلديشي Christine Baldechi من معهد العلاج بالخلايا الجذعية في إيفري Evry بفرنسا، في عام 2009، هي وفريقها باستخدام الخلايا الجذعية الجلدية وزرعها على شبكة صناعية وتحفيزها لتوليد طبقة من الجلد، ثم وضعت هذه الطبقة مكان جلد الفأر في الظهر، لينمو جلد إنسان كامل الوظائف.
الطريقة الثالثة.. تعديل الجينات:
ومن الطرق الابتكارية الأخرى لصناعة الأعضاء، استطاع فريق العالم هيروميتسو ناكوشيProfessor Hiromitsu Nakauchi من جامعة طوكيو والعالم هيروشي ناجاشيماProfessor Hiroshi Nagashima من جامعة ميزي Meiji في اليابان تعديل جينات بويضة الفأر بحيث لا ينمو عضو ما مثل البنكرياس. ثم يضعون في هذه البويضة الخلايا الجذعية المُحفزة لنوع مختلف من الفئران، وذلك بغرض أن ينمو في هذه البويضة عضو البنكرياس المطابق للنوع الثاني من الفأر التابعة له الخلايا الجذعية. والفكرة هنا أنه بالتعديل الجيني للبويضة يمنع نمو البنكرياس لدى الفأر موضع التجربة. فمع التعديل الجيني في البويضة، تتم تهيئة بيئة تحفز الخلايا الجذعية المزروعة لتنتج عضو البنكرياس المفقود لدى النوع الآخر من الفئران. بعد نجاح هذه التجربة في 2010، قام الفريق بتوسيع مجال التجربة إلى حيوان أكبر مثل الخنزير، الذي عدلت جينات البويضة فيه بنفس الطريقة السابقة لتزرع خلايا جذعية لبنكرياس حيوان آخر فينمو في جسم الخنزير بنكرياس هذا الحيوان، حتى يستخدم بعد تمام نموه لتعويض البنكرياس التالف لدى هذا الحيوان الآخر. وقد كتب لهذه التجربة النجاح. وفي خطوة قادمة، يريد الفريق إجراء هذه التجربة باستخدام الخلايا الجذعية المُحفزة للإنسان ويكون الخنزير الجسم المستقبل لتنمية العضو المراد تعويضه لدى الإنسان.
وفي نهاية الأمر، فإن هذه الطرق المبتكرة لعلم الخلايا الجذعية في صناعة الأعضاء تبدو مضيئة بالتفاؤل لصنع الأعضاء المعقدة التي يحتاج إليها الكثيرون من المرضي في العالم، وخصوصًا بعد استطاعتهم صنع أعضاء أقل تعقيدًا مثل المثانة والقصبة الهوائية وصمام القلب، ومضيهم الحثيث في سبيل صناعة أعضاء أكثر تعقيدًا مثل الكلى والبنكرياس.

 

 




الاثنين، 20 يناير 2014

نظام التزاوج وتباين الثدييات


الإنسان حيوان ثديي ناطق له أقرباء أو أبناء عمومة من الثدييات من القردة العليا والرئيسة، بمعنى أنهم جميعًا كان لهم في مرحلة من تطور الحياة سلف مشترك واحد، وقد يبدو أثر ذلك في تطور حياة الإنسان وسلوكه.
حتى وقت قريب كانت معظم المعلومات عن القردة العليا والرئيسية تُستقى من ملاحظة هذه الحيوانات وهي واقعة في أسر الإنسان، ويراقب سلوكها في أقفاص حدائق الحيوان، وهي بيئة تختلف اختلافًا بينًا عن البيئة البرية الطبيعية وكثيرًا ما تؤدي إلى سلوك غير طبيعي للحيوان. ومنذ حوالي منتصف القرن العشرين أجريت أكثر من دراسة علمية دقيقة لوحظ فيها سلوك هذه الحيوانات في حياتها البرية العادية دون تدخل بشري ملحوظ، لعل أشهر هذه الدراسات دراسة (جين جودال) على مجتمعات الشمبانزي البرية في تنجانيقا، والتي استمرت لما يقرب من نصف القرن. بينت دراسات جودال وغيرها أن مجتمعات هذه الثدييات فيها أنظمة تكاثر وتزاوج مختلفة، لعل النظام الغالب بينها هو الزواج الأحادي بمعنى زواج ذكر واحد بأنثى واحدة، حتى أن قردة الجيبون مثلا تبدي إخلاصًا كاملاً في هذه الزيجات الأحادية مهما طال زمنها. على أن قردة الشمبانزي أكثر تسيبًا عن ذلك في ممارسة الجنس بلا تمييز.
مجتمع الشمبانزي بصفة عامة أميل للنزعة البطريركية أو لتسيد الذكور وتظهر فيه اتجاهات عدوانية تتبلور في تجمعات عدوانية تمارس حروبًا بدائية مع المجموعات الأخرى. هناك أيضًا قردة البونوبو التي تشبه في شكلها الشمبانزي إلى حد كبير، ولكنها أقل حجمًا، وأقل عدوانية وأكثر تمركزًا على الإناث أو أميل إلى النزعة الماترياركية. يرى بعض العلماء أنه إذا كان الشمبانزي يحل قضاياه الجنسية بالقوة، فإن قرود البونوبو تحل قضايا القوة بالجنس. الجنس عند البونوبو أسلوب للتفاعل الاجتماعي يكاد يشبه استخدام الإنسان للنقود!
الغوريلا، بخلاف الشمبانزي والبونوبو، تظهر تباينًا ملحوظًا بين شكل وحجم الذكور والإناث، فذكر الغوريلا يبلغ وزنه ضعف وزن الأنثى. تتبع الغوريلا نظام زواج الحريم أو تعدد الزوجات. هناك ذكر واحد يسيطر على عدد من الإناث يشكلن حريمه الخاص، ولا يقترب من الإناث أي ذكر آخر وإلا تعرض لقتال عنيف مع صاحب الحريم. من الثدييات التي تتبع أيضًا نظام الحريم في التزاوج حيوانات فقمة الفيل، وهي أبعد نوعًا في قرابتها للبشر، على أن ذكورها مثل ذكور الغوريلا ضخمة وقد يصل وزنها إلى أربعة أمثال وزن الإناث.
لدينا هكذا مجتمعات ثدييات لها نظم تكاثر وزواج مختلفة. هناك نظام زواج أحادي أو زواج ذكر واحد من أنثى واحدة، ثم هناك زواج الحريم أو تعدد الزوجات الإناث لذكر واحد قوي مسيطر، ثم نظام تعدد الأزواج. ترى ما أهم العوامل التي لها دور في تحديد هذه النظم. الواقع أن الأوضاع معقدة نوعًا وهناك أكثر من عامل واحد مهم، وهذه النظم كلها تؤثر وتتأثر جدليًّا بالتباين الجسدي (المورفولوجي) بين الذكور والإناث. يعتقد فيشر عالم التطور والإحصاء المشهور أن نظام الزواج الغالب هو الزواج الأحادي، خاصة أنه يرى أن معظم عشائر الحيوانات البرية لديها تقريبًا أعداد متساوية من الذكور والإناث. هناك سبب وجيه لذلك في التطور الدارويني. لو تخيلنا أن عشيرة حيوانات برية كانت أعداد الجنسين فيها غير متساوية، فإن أفراد الجنس الأقل أو الأندر يكون لديها في المتوسط ميزة تكاثرية تفوق بها أفراد الجنس الأكثر عددًا، وسبب ذلك حسب فيشر هو أن المجتمع عندها تغلب عليه نزعة الميل الاقتصادي للنوع الأندر، وهكذا فإن الانتخاب الطبيعي عند اختلال النسبة بين الذكور والإناث يعمل في التو على تصحيح هذا الخلل ليصل إلى تساوي النسبة بين الجنسين. النسبة الوحيدة المستقرة تطوريًّا بين الجنسين هي 50/50 أو التساوي بينهما.
على أن فيشر وجد أيضًا أن هناك عاملاً رهيفًا له دوره هنا. في حالة ذكور الغوريلا مثلاً يكون حجمها ضعف حجم الإناث، وتربية الابن ربما تكلف هنا ضعف تربية الابنة. هل يؤدي ذلك إلى اختلال نسبة الجنسين؟ هل سيكون من الأفضل تنشئة ذرية من إناث عددها أكبر وتكلفتها أقل؟ يرى فيشر أن النسبة الحقيقية التي يجعلها الانتخاب الطبيعي متساوية هي نسبة الإنفاق الاقتصادي لتنشئة أي من الجنسين، أو ما يسمى بلغة الاقتصاد الفرصة البديلة. الانتخاب الطبيعي يحبذ الميول الوراثية التي تؤدي إلى استثمار اقتصادي ينتج عنه غالبًا في النهاية أعداد متساوية من الذكور والإناث. مجتمعات الحريم يوجد فيها أقلية من الذكور تحتجز أغلبية من الإناث. هل يؤدي ذلك إلى انتهاك توقعات فيشر بتساوي نسبة الجنسين؟ الإجابة هي أن فيشر يتوقع استثمارًا متساويًا في الأبناء الذكور والبنات الإناث. السبب في أن حجم الذكور أكبر كثيرًا من الإناث هو أن الحجم الكبير يساعد الذكور على كسب الحريم. معظم صغار الغوريلا وفقمة الفيل تولد لأب قوي الجسم مهمته كسب القتال، وأم جعل حجمها الأمثل من أجل ولادة الأطفال وتربيتها. الخواص المفضلة التي تؤدي إلى الذكر الأمثل والأنثى المثلى تأتي من خلال انتخاب الجينات انتخابًا طبيعيا.
لدينا هكذا بعض تعميمات وعوامل علمية وإحصائية لها دورها في نظم الزواج في هذه المجتمعات، أحد هذه التعميمات أو العوامل المهمة هو وجود اختلاف أو تباين في الهيئة والتشكل (الموروفولوجيا)، بين الذكور والإناث. كلما زاد تشابه الشكل والتكوين الجسدي بين أفراد الجنسين زاد الاتجاه إلى الزواج الأحادي. الأنواع التي يتابين فيها أفراد الجنسين بوضوح، كأن يكون حجم الذكور أكبر بدرجة ملحوظة، تنزع إلى أن يكون لديها تعدد في الزوجات أو زواج حريم كما عند الغوريلا. أجريت دراسة عن علاقة تباين الجنسين في الحجم ومدى ما يوجد من مجتمع الحريم، وأجريت فيها مقارنة بين مقدار كتلة الذكور وحجم الحريم، واتضح من الدراسة وجود علاقة ترابط قوية بينهما عند الغوريلا والفقمة.
أما عند البشر فلاشك أن هناك بعض تباين موروفولوجي بين الذكور والإناث من البشر ولكنه تباين معتدل. قد تكون بعض الإناث أطول قامة من بعض الرجال، لكن متوسط قامة الرجال أطول بعض الشيء من متوسط الإناث. بعض الإناث قد تتغلب على بعض الرجال في الألعاب الرياضية كالقفز ورمي الرمح، لكن فرص الرجال للتفوق هي علميًّا وإحصائيًّا أوفر مما عند النساء. التباين الموروفولوجي بين الجنسين هو في الإنسان أقل مما في الغوريلا، لكنه أكبر مما عند الجيبون. ربما يعني هذا التباين البسيط أن لنا أسلاف إناث عاشت زمنًا في مجتمعات أحادية الزواج أو عاشت بعض الوقت في نظم حريم صغيرة. مرة أخرى الأمر أكثر تعقيدًا من أن يفسر بهذه البساطة، وهناك عوامل عديدة تتداخل هنا، مثل العوامل الإثنوجرافية والعقائدية ومكونات وعي الإنسان ومحاولاته لتغيير واقعه. هذا وقد أُجريت مؤخرًا دراسة مسح على عدد من المجتمعات البشرية يصل إلى 849 مجتمعًا مع حصر نظم الزواج فيها، وتبين أن 16 في المائة من هذه المجتمعات أحادية الزواج، وأن هناك نسبة أقل من 1 في المائة لها نظام تعدد في الأزواج الرجال، ثم هناك تلك النسبة الغالبة من 83 في المائة من المجتمعات وُجد أنها متعددة الزوجات، يصل عددها إجمالاً إلى 708 مجتمعات، نصفها تقريبًا تسمح فيها قواعد المجتمع بتعدد الزوجات، وإن كان هذا عند التطبيق العملي أمرًا نادرًا جدًا، والنصف الآخر يكون تعدد الزوجات فيه سلوك يمارس خفية وإن كان معترفًا به كمعيار قاعدي.
ضخامة ذكور الغوريلا لها أهمية خاصة في نظام تزاوج الحريم، لأن الذكور تكسب أفراد الحريم بالقتال فيزيقيًّا مع الذكور الأخرى. تباين حجم الذكور مع الإناث عند الإنسان أهميته أقل كثيرًا عما عند الغوريلا. على أنه إذا كانت ذكور الغوريلا تحتاج للحجم الضخم للحفاظ على الحريم، فإن ذكور الإنسان قد تتحكم في عدد كبير من الإناث أو الحريم ليس عن طريق القوة الفيزيقية، وإنما بسبب مكانة الذكور السياسية كأن يكون أحد الذكور من بين أعضاء هيئة الحكم أو الحاكم نفسه، ويمكنه هذا من إرهاب منافسيه بما يساوي أو يفوق الإرهاب الفيزيقي عند الغوريلا. أو أنه قد يكون هناك تباين عند الذكور بامتلاكهم لثروة أكبر، وقد قيل إن ذكور البشر لا يتحاربون من أجل الزوجات وإنما يشترونهن. هكذا فإن السلطة قد تتمثل في السيطرة الاقتصادية أو السياسية ويكون لها مظهر ثقافي أو حضاري وليس بفيزيقي. لعل أنصار الحركات النسائية يجدون بعض العزاء في أن التغلب على نزعة تعدد الزوجات ثقافيًّا ومجتمعيًّا قد يكون أسهل من التغلب على نزعة تعدد الزوجات بالقوة الوحشية.
هناك غير التباين المورفولوجي مؤشر بيولوجي آخر قد يكون له دوره في التطور البيولوجي في علاقات التكاثر والتزاوج، وهو مؤشر فيه بعض ما يثير الدهشة، إنه حجم الخصية عند الذكور مقارنًا بالحجم الكلي لجسم الحيوان، قرود الشمبانزي أقرب القرود العليا للإنسان، وخصية أفراد الشمبانزي حجمها بالغ الكبر خاصة عند مقارنتها ببقية جسدها. من الناحية الأخرى نجد أن حجم الخصية عند ذكر الغوريلا البالغ الضخامة أصغر مما عند ذكر الشمبانزي. يطرح البيولوجي البريطاني روجر شورت تفسيرًا لكبر حجم خصية الشمبانزي، وهو أن أنثى الشمبانزي أثناء فترتها النزوية «oestrus» تمارس طبيعيًّا عمليات الجماع مع أكثر من ذكر واحد، بينما أنثى الغوريلا تنتمي لذكر واحد. الحيوانات المنوية التي يقذفها أحد ذكور الشمبانزي في مهبل الأنثى عليها أن تقاتل لتنافس الحيوانات المنوية الآتية من العديد من الذكور الأخرى لنفس المهبل. من هنا تكون أهمية قوة الحيوانات المنوية والتي لابد وأن تنتجها خصية قوية كبيرة. أما عند الغوريلا فإن التنافس بين الذكور يجري بالقتال الذي تلزم له أجساد قوية ضخمة، هكذا فإن التباين المورفولوجي يؤثر ويتأثر جدليًّا بنظام التكاثر والزواج.
أجريت بعد ذلك دراسة مسح للمقارنة بين كتل الخصى وكتل الجسم في أنواع متعددة من الرئيسيات، واتضح منها وجود زيادة كبيرة في حجم الخصية في الحيوانات التي تمارس إناثها الجنس مع أكثر من ذكر مثل الشمبانزي، بينما يكون الحجم صغيرًا عند الحيوانات الضخمة ذات الحريم التي لا تتطلب تنافسًا بين الحيوانات المنوية. وكذلك عند الحيوانات المخلصة أحادية الزوجات مثل الجيبون. يدل وضع الإنسان في هذه الدراسة المسحية على أنه بعيد عن أنه يشبه قردة الشمبانزي، كما أنه لا يوجد ما يدل على أن نظام التكاثر في ماضي الإنسان التطوري فيه ما يشبه ما عند الغوريلا، أو أن فيه ما يشبه الجيبون المخلص في أحادية الزواج. على أن هناك أدلة تستمد من أبحاث الأنثروبولوجيا ومن وجود تباين في المورفولوجيا عند الجنسين من البشر هو تباين بسيط، ويطرح هذا مرة أخرى وجود تعدد للزوجات من البشر بدرجة بسيطة نوعًا. على أن هذه الاستنتاجات ينبغي ألا تستخدم لتبرير مواقف أخلاقية وسياسية معينة لها أحيانًا وجودها حاليًا. فما يوجد حاليًا في بعض الأمور لا يصح أن يُتخذ مبررًا لما «ينبغي» أن تكون عليه هذه الأمور.
من المعروف أن هناك عمليات انتخاب جنسي يستعرض فيها الذكور خصائصهم المورفولوجية أمام الإناث لتختار أفضل الذكور بالنسبة لها. الخصائص المورفولوجية هنا تؤثر في طرائق التكاثر والتزاوج. أشهر مثل لذلك هو عرض ذكور الطاووس لذيولها الجميلة أمام الإناث. الذكور ذات الألوان الأنصع والأبهى في ذيولها تكون أفضل صحة من غيرها وأقل إصابة بالأمراض والطفيليات، ويقع اختيار الإناث عليها في نظام حريم معكوس. أجرى بعض العلماء دراسات مقارنة بين أفراد البشر من حيث وجود علاقة بين بعض صفات الجسد الفيزيقية والقدرة على النجاح في التكاثر والانتخاب الجنسي، كبديل لدراسة وقياس الذيول عند الطاووس. قاس العلماء ما عند البشر من صفات مثل طول القامة بين الذكور وحجم بعض أعضاء الجسم كطول الأنف وطول القضيب نفسه. لم يثبت من هذه الدراسات أي علاقة ذات مغزى، ولا حتى مجرد احتمال إحصائي، بين القدرة على التكاثر وحجم هذه الأعضاء. كان يشيع فيما مضى حكايات عن وجود علاقة بين حجم الأنف وحجم القضيب أو القدرة الجنسية وأنها تتزايد معًا. لم يثبت أي من هذا علميًّا. العلاقة الوحيدة التي ثبتت للآن بين الأنف والجنس هي علاقة في الاتجاه السلبي. هناك متلازمة وراثية نادرة اسمها تناذر كالمان يحدث فيها أن تصاب خلايا الأنف الطلائية بعيوب وراثية تؤدي إلى قلة القدرة على الشم مصحوبة بانخفاض القدرة الجنسية. سبب ذلك أن بعض خلايا الأنف الطلائية لها دور في تنبيه إفراز الهرمونات الجنسية وذلك نتيجة اتخاذها لمسالك معقدة أثناء تناميها في الجنين وهجرتها بين المخ والأطراف الحسية.
أجريت مؤخرًا دراسات عن القدرة الجنسية لذكور الإنسان عمومًا، وثبت من هذه الدراسات وجود تدهور وضعف مستمر في الحيوانات المنوية التي تحمل الكروموسوم الذكري «واي». تمت دراسات مسح على النصف الأخير من القرن العشرين تبين منها أن الحد الأقصى لعدد الحيوانات المنوية قد نقص من 120 مليونا/مم ليصل إلى 50 مليونا/مم، أما الحد الأدنى فقد انخفض من 40 مليونا/مم إلى 20 مليونا /مم. قد يكون هذا نتيجة عوامل بيئية, مثل تلوث الطعام بالمبيدات الحشرية، أو الهرمونات الأنثوية التي تضاف لزيادة حجم الحيوانات والنباتات المغذية. وقد يرجع الضعف المتزايد للمني لعوامل ضعف وراثية متأصلة فيه تتزايد بمرور الزمن, ترى ما تأثير ذلك في نظام التكاثر والتزاوج. لو استمر هذا التدهور فربما يصبح الرجال عاجزين عن الإنجاب، وربما يلجأ البشر عندها للتكاثر بوسائل أخرى لا تتطلب الرجال ولا المني، كأن تُخصب البويضة بتلقيحها  ببويضة أنثى أخرى، وهذا أمر له مقدماته في أبحاث الاستنساخ وغيرها من الأبحاث. هكذا يتم الاستغناء عن دور الرجال في التكاثر والتزاوج، ويصبح دورهم الوحيد والرئيسي في الحياة هو إسعاد النساء في مجتمع أموي أو ماترياركي، والله أعلم.
------------------------------------
* أستاذ بالأكاديمية الطبية العسكرية - مصر.

http://www.alarabimag.com/science/Article.asp?Art=410&ID=15

التاريخ الطبي لهلاوس المخ

هلاوس المخ أو الفصام هو المرض الذي يطلق عليه خطأ اسم «شيزوفرينيا»، وصحته انقسام الشخصية التي يعتبرها العلماء مرضًا نفسيًّا بينما الفصام مرض عقلي، وتصل نسبة انتشاره إلى 1%  من مجموع أي شعب من شعوب الأرض. فى مصر وحدها 600 ألف فصامي، مائة ألف يعالجون والباقون - نصف مليون - يعيشون وسطنا دون علاج؛ بينما يبلغ الرقم في الولايات المتحدة مليوني مصاب بالفصام. وبالرغم من الضجة التي أحدثها علم النفس في كشف هذا المرض، وخاصة مدرسة (التحليل النفسي) التي نسب تأسيسها للعالم النمساوي سيجموند فرويد (1856-1939) في القرن التاسع عشر الميلادي، فـإن علم النفـس والتحليل النفسي، كان قد ظهر، ومارسه ببراعة ابن سينا قبل فرويد بأكثر من ثمانية قرون وقد صنف (مائتين وستة وسبعين كتابًا، وعــدة رسالات) في حياته وكان لمؤلفاته أثر كبير في نهضة أوربا العلمية.
ابن سينا شخصية إسلامية من العصر الأندلسي، ولد في خرميثن عام 370هـ من أسرة فارسية تسودها تقاليد فارسية صارمة تشتغل بخدمة الدولة. درس ابن سينا الفيزياء والرياضيات والفلسفة والتحليل النفسي، كما برع في الطب براعة منقطعة النظير وذاع صيته وهو لا يزال في السادسة عشرة من عمره مما يدل على ذكاء و نبوغ نادرين ولذلك لقب بالشيخ الرئيس.
بدأت شهرة ابن سينا تنتشر عندما اشتد المرض على الأمير (نوح بن نصر الساماني) الذي طلب من ابن سينا أن يعالجه، فعالجه حتى شفى من مرضه، وكان للأمير مكتبة ذائعة الشهرة تضم كتبًا نادرة في العلوم كافة فتفرغ ابن سينا للاطلاع عليها ولتحصيل مختلف العلوم. وعندما اضطربت أحوال الدولة السامانية وتوفى والده وكان في الثانية والعشرين من عمره، فذهب إلى همذان وصار وزيرًا لشمس الدولة (أبي طاهر الديلمي) صاحب همذان وعراق العجم، لكن عسكر شمس الدولة ثاروا عليه ونهبوا داره وقبضوا عليه فنفاه شمس الدولة إرضاءً لهم، وسرعان ما أعاده الأمير نوح إليه حين عاوده المرض. وبعد موت شمس الدولة ذهب ابن سينا إلى أصبهان، فأحسن إليه الأمير (أبو جعفر علاء الدولة) فأكرمه وبقى عنده معززًا مكرمًا، وقد صنف مائتين وستة وسبعين كتابًا وعدة رسالات في حياته، وكان لمؤلفاته أثر كبير في نهضة أوربا العلمية.
وفلسفة ابن سينا تدرس في أكثر الجامعات الأوربية وكل الجامعات الكاثوليكية إلى يومنا هذا، ومن أشهر مؤلفاته رسالتا "القوى النفسانية" و"النفس الناطقة"، وكتاب "الشفاء"، و"الإشارات في الحكمة والفلسفة"، وكتاب "القانون في الطب" الذي يعد المرجع الأول  في الطب بالجامعات الأوروبية وخاصة "مونيلييه" حتى أواخر القرن الثامن عشر.
هناك اكتشاف حديث أمكن من خلاله تصوير المخ أثناء الهلاوس التي تصيب المريض عن طريق جهاز البث البوزيتروني، وقد أثبتت الدراسة أن مرض الفصام يحدث نتيجة لخلل في المتشابكات العصبية في المخ سببه خلل في كيمياء الخلايا العصبية. وأهمية الوصول إلى هذا الاكتشاف أنه إضافة جديدة تساعد على علاج مرض الفصام الذي من أهم أعراضه إصابة الإنسان بنوع من أنواع الهلاوس، بمعنى إدراك أشياء غير موجودة، فإذا سمع أصواتًا لا يسمعها سواه ... تسمى هلاوس سمعية، وإذا رأى أشياء لا يراها غيره، تسمى هلاوس بصرية. وقد تكون هذه الهلاوس حسية أو شمية. وبصفة عامة فإن الفصام، كمرض عقلي، يتميز بثلاثة أنواع من الأعراض: اضطراب في التفكير، واضطراب في السلوك، وأخيرًا اضطراب في الإدراك؛ إذا لم يعالج فإنه ينتهى بتدهور في الشخصية.
في السنوات العشر الأخيرة حدثت طفرة كبيرة في الأجهزة الدقيقة التي أمكن من خلالها رؤية المخ أثناء تأديته لوظائفه، ويتم ذلك بعد حقن المريض بمادة معينة مشعة تظهر في المخ حسب المكان المطلوب تصويره فيأخذ لونًا وشكلاً معينًا، ويطلب من كل مريض أن يضغط على "زر" معين بإبهامه إذا ما سمع أو رأى أو أحس بأى شيء، فيبدأ الجهاز في تصوير وتسجيل كل ما يحدث في المخ  تشريحيًّا بحيث يمكننا معرفة أي مكان من أجزاء المخ ينشط أثناء أداء  وظيفة معينة مثل السمع أو التفكير أو الرؤية، ويكون ذلك بتصوير كمية الدم المتدفق إلى هذا الجزء. وفي البحث الذي أعلن أخيرًا، أجريت دراسة على مجموعة من مرضى الفصام، حيث صور المخ أثناء أدائه لوظائفه.
الهرمون الأنثوي يحمي المرأة
وجد العلماء بعد دراسة هذه الصور، أن المريض بالهلاوس السمعية تحدث له زيادة في نشاط الفص الصدغي المسؤول عن السمع في المخ إذا ما سمع أصواتًا، وإذا ما رأى خيالات وجد أن التنبيه حدث في الفص الخلفي في مؤخرة المخ المسؤول عن الإبصار، أما إذا كان شعور المريض هو أن هناك من "يقرصه" أو يعضه أو يسبب له ألمًا، وجد أن المكان الذي توهج هو الفص الجداري.
معنى هذه الدراسة أن الهلاوس السمعية والبصرية والحسية ما هي إلا خلل في الوصلات الكهربائية الموجودة في الخلايا العصبية بالمخ ، أدى إلى أنها تعمل دون أن يكون هناك سبب لعملها، فيسمع المريض صوتًا غير موجود أو يرى صورًا ليس لها أساس أو يشعر بأحاسيس ليس لها مصدر.
وقد أضافت أجهزة تصوير المخ في السنوات الأخيرة الكثير من المعرفة للخلل الكيميائي المخي وإحداث ثورة في الطب النفسي وعلاج كيمياء المخ، خاصة زيادة مادة السيروتوجين ومن قبلها مادة الدوبامين. وأصبح عن طريق هذه الأجهزة تقسيم أنواع مرض الفصام إلى ثلاثة أنواع:
مرض يتميز بأعراض سلبية، الخلل موجود في الجزء الخلفي من الفص الأمامي، وحتى سنوات قليلة مضت لم يكن هناك علاج لهذا النوع من الفصام، الآن أصبح الأمل في شفاء هؤلاء المرضى كبيرًا جدًا بوجود العقاقير التي تعمل على مادتي الدوبامين والسيروتوجين.
مرض يتميز بالهلاوس والصلالات وهو عادة يستجيب للعقاقير التي تعمل على الدوبامين، والخلل فيه موجود في الفص الصدغي لفص المخ السائد.
أما النوع الثالث والأخير فيتميز بخلل التفكير، واستجابته للعلاج أقل من النوعين السابقين، والخلل فيه موجود في الفص غير السائد في التلفيف الحزامي في الفص الصدغي.
ويلعب العامل الوراثي دورًا في الإصابة بهذا المرض في %40 من الحالات، أما العوامل البيئية فهي مسؤولة عن مسببات المرض في %60 من المرضى؛ معنى ذلك أنه إذا كان أحد الوالدين مصابًا بالفصام فإن نسبة إصابة الأولاد تكون من %12 : %15، أما إذا كان الاثنان مصابين فإن نسبة الإصابة في الأولاد ترتفع لتصل إلى %40 وهي نادرة الحدوث. وإذا كان المصاب أحد الأولاد، فإن نسبة إصابة بقية الأخوة تكون %10؛ وإذا كان الجد هو المصاب، فإن نسبة إصابة الأحفاد تصل إلى %3. وقد اكتشف في السنوات الخمس الأخيرة أن الفصام مرض يولد الإنسان باستعداد للإصابة به، ثم تأتي عوامل بيئية لتفجره. ومن أهم هذه العوامل: الخلل الذي يصيب الجهاز العصبي للطفل أثناء الحمل أو الولادة، أو إذا أصيب الطفل بفيروس أو التهاب قد يؤثر على الاستعداد الذي ولد به يؤدي إلى إصابته.
من المعروف أن %75 من حالات مرضى الفصام تحدث من سن 15 إلى 35 سنة، أي فى مرحلة الشباب، والرجال معرضون للإصابة أكثر من النساء بسبب هرمون الأستروجين الذي يعطي المرأة مقاومة لمرض الفصام؛ فقد وجد أن الهرمون الأنثوي مضاد لمادة الدوبامين، لكنهما يستويان بعد انقطاع الطمث عند المرأة.
بعد الطفرة الكبيرة التي حدثت في الفترة الأخيرة في اكتشاف الخلل الكيميائي في المخ والعقاقير الجديدة، يمكن القول إن %25 من مرضى الفصام سيتم شفاؤهم تمامًا دون احتمال التعرض للنكسات، و%50 أخرين يكونون عرضة للنكسات ويحتاجون لبعض العلاج لمدة طويلة حتى يتوافقون مع المجتمع. معنى هذا أن  %75 من مرضى الفصام يستطيعون الحياة بصورة طبيعية. ويبقى %25 وهم عادة من مرضى اضطراب التفكير الذين يحتاجون إلى علاج دوائي طويل ومساعدة ودعم عائلي متفهم لطبيعة المرض.
الاضطرابات الكيميائية للخلايا العصبية
الجديد فى علاج مرضى الفصام الذين يحتاجون لفترة طويلة من العلاج، هو محاولة رفع وعي أسرة المريض بضرورة الاستمرار في إعطاء الدواء وعدم التوقف عنه فور تحسن الحالة؛ والسبب أن علاج الخلل الكيميائي يتطلب بعض الوقت الذي قد يصل إلى خمس سنوات، خاصة وأن التركيب الكيميائي للخلية العصبية تكتنفه بعض الأسرار التي لم يستطع العلم سبر غورها. فهي لا تزال لغزًا محيرًا للعلماء لأنها معقدة التكوين، وديناميكية عملها تحمل الكثير من الغموض. فالخلايا العصبية تعمل بصورة مجتمعة، متكاملة، متناغمة، متفاهمة؛ أي أن هناك نوعًا من التفاهم والترابط بين الخلايا له هارمونية دقيقة، ولكي يتم ذلك لابد من انتقال إشارة ما بين الخلايا العصبية حاملة الأمر المراد عن طريق ما يسمى بالناقلات العصبية (Neurotransmitters)، وهي مجموعة من المواد الكيميائية التي تفرز من خلية عصبية لتؤثر على خلية عصبية أخرى. وجاءت تسمية هذه المواد بالناقلات العصبية لأنها مسؤولة عن نقل الأمر العصبي من خلية إلى أخرى، سواء كان أمرًا بالتحفيز (Excitatory) أو التثبيط  (Inhibitory). تصنع هذه المواد وتخزن وتفرز بواسطة الخلية العصبية نفسها، فالخلية العصبية تحتوي على الإنزيمات المطلوبة لتصنيع الناقلات العصبية، وحويصلات دقيقة لتخزين المواد التي تم تصنيعها تمهيدًا لإفرازها عند وصول الأمر بذلك. تخرج المواد المختزنة من نهايات الخلايا العصبية (Nerve Terminals) إلى خارج الخلية لتصل إلى الخلايا المجاوزة، وعملية الخروج هذه تتم بميكانيكية معقدة تنتهى بانفجار الحويصلات الممتلئة بالناقلات العصبية على جدار الخلية وانطلاق المواد لمختزنة إلى الخارج.
تؤثر هذه المواد بعد إفرازها على الخلايا المختلفة عن طريق اتحادها بمستقبلات (Receptors) خاصة على سطح الخلية المستهدفة، وكل ناقل عصبي له المستقبل الخاص به، مما يضيف نوعًا من التخصصية في عمل الناقلات العصبية، أو بمعنى آخر يؤثر الناقل العصبي فقط على الخلايا التي تحمل المستقبل الخاص به، ولا يؤثر على الخلايا التي لا تحتويه.  وبعد إحداث التأثير المراد على الخلية، ينتهى عمل المواد إما بإعادتها مرة أخرى إلى الخلية التي أفرزتها وتخزن مرة أخرى تمهيدًا لإعادة استعمالها، أو يتم تكسيرها بواسطة إنزيمات خاصة خارج الخلايا. يتضح من ذلك أن الخلية العصبية ليست خلية عادية فحسب، بل هي معمل متطور لإنتاج وتخزين وإفراز والتخلص من المواد الكيميائية المطلوبة لتنظيم عملها.
ولعل من أهم الناقلات العصبية في المخ هي الأحماض الأمينية (Amino Acids). وتقسم على حسب وظيفتها إلى أحماض أمينية محفزة (Excitatory Amino acids)، أي التي تحفز الخلايا و تنشطها، والأحماض الأمينية المثبطة (Inhibitory Amino Acids)، التي تقلل من نشاط الخلايا التي تعمل عليها.
ويمكن القول إن مادة الجلوتامات (Glutamate) هي أهم الأحماض الأمينية المحفزة، فهي المسؤولة عن تنشيط الخلايا العصبية واستثارتها. كما برزت أهمية الناقل العصبي الذي يدعى الأسيتيل كولين (Acetyl choline) في السنوات الأخيرة عندما اكتشفت علاقته المباشرة بمرض الألزهايمر (Alzheimer`s disease)، فالنظرية الأساسية التي تفسر طبيعة المرض تقول إن مرض الألزهايمر يحدث نتيجة ضمور الخلايا التي تفرز الأسيتيل كولين مما يؤدي إلى هبوط تركيز هذه المادة في المخ، وهذه النظرية تفسر تحسن مرضى الزهايمر عند إعطائهم ما يسمى بالأنتي كولين إستراز (Anticholineesterase)، وهي أدوية توقف عمل الإنزيم المسؤول عن تكسير الأسيتيل كولين، مما يؤدي إلى المحافظة عليه في المخ وزيادة تركيزه.
ولا يمكن إغفال دورة مادة النورادرينالين (Noradrenaline) في المخ، فهي من المواد التي تحفز الناحية المزاجية (Mood) في المخ، ونقصها يؤدي إلى مرض الاكتئاب (Depression) عند هبوط مستواها في المخ، والعكس صحيح فزيادة نسبة النورادرينالين في المخ تؤدي إلى حالة مرضية تسمى لوثة الهوس (Mania) أو الهلاوس المخية المصاحبة بارتفاع مرضي في المزاج.
هناك أيضًا مادة السيروتونين (Serotonin)، وهي ناقل عصبي مهم مسؤول عن تنظيم كثير من وظائف المخ، أهمها التحكم في الحالة النفسية. والمعروف أن الإفراط في عمل السيروتونين يؤدي إلى مرض الفصام (Schizaphrenia)، وهذا يفسر الاستخدام الشائع لمضادات السيروتونين في علاج الفصام.
بالإضافة إلى المواد السابقة هناك الكثير من الناقلات العصبية لا تزال دراستها محط اهتمام كثير من الدراسات البحثية، ليس فقط لكشف طبيعتها البيولوجية ولكن لمعرفة دورها في الحالات المرضية ومن ثم فتح آفاق علاجية جديدة.
------------------------------------------
* عميدة كلية العلوم الفيزيائية بالجامعة اليابانية المصرية وكاتبة علمية.

http://www.alarabimag.com/science/Article.asp?Art=412&ID=15